
أجرت الصين وإيران وروسيا، الثلاثاء، مناورات بحرية مشتركة كبيرة في خليج عمان. وتُعد هذه المناورات بمثابة استعراض مهم للقوة في ظل الأجواء المتوترة التي تسود المنطقة. وعلى وجه الخصوص، كان البرنامج النووي الإيراني سريع التطور والتهديدات التي وجهها المتمردون الحوثيون في اليمن ضد السفن من بين العوامل الرئيسية في إجراء التدريبات. وأُجريت المناورات، التي أُطلق عليها اسم "منطقة الأمن البحري 2025"، بالقرب من مضيق هرمز ذي الأهمية الاستراتيجية. يعد مضيق هرمز نقطة حيوية لأمن الطاقة باعتباره المنطقة التي تمر عبرها نسبة كبيرة من تجارة النفط الخام في العالم.
الاستراتيجية وراء التمرين
لقد كان مضيق هرمز مسرحًا للعديد من التوترات والصراعات في الماضي. وقد استولت إيران بين الحين والآخر على سفن تجارية في هذه المنطقة، كما شهدت علاقاتها مع الدول الغربية توترات. وأصبح هذا الوضع أكثر وضوحا بعد انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق النووي مع طهران في عام 2018. وتعد مناورات هذا العام علامة فارقة مهمة لأنها المناورات المشتركة الخامسة بين الدول الثلاث. وتهدف مثل هذه التدريبات إلى زيادة تكامل القوات العسكرية في المنطقة وإظهار تصميم الأطراف على ضمان الأمن البحري.
تداخل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والتنبيهات العسكرية
وقبيل التدريبات، أفاد مركز عمليات التجارة البحرية البريطاني بتعرضه لتداخل مع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في مضيق هرمز. وتشير التقارير إلى أن هذه التدخلات تسببت في حدوث اضطرابات في أنظمة الملاحة في السفن، مما أجبر الطواقم على اللجوء إلى أساليب بديلة. ويعتقد أن مثل هذا التدخل يستخدم كاستراتيجية لإضعاف قدرات الاستهداف للطائرات بدون طيار والصواريخ. ويؤدي الدور المتزايد لتقنيات الحرب الإلكترونية والهجمات السيبرانية إلى تعقيد التوترات العسكرية في المنطقة بشكل أكبر.
الدور المتزايد للصين وروسيا في المنطقة
وتعكس هذه المناورات الوجود العسكري المتزايد للصين وروسيا في الشرق الأوسط. حددت وزارة الدفاع الروسية السفن المشاركة في المناورات بأنها كورفيتات "ريزكي" و"الدار تسيدينجابوف" وناقلة "بيشينيغا". أرسلت الصين مدمرة صواريخ موجهة تدعى باوتو وسفينة إمداد تدعى جاويوهو. وبدلاً من القيام بدوريات نشطة في المنطقة، تلجأ الدولتان إلى تدابير أمنية تقودها دول غربية، وعادة ما تكون الأسطول الخامس للبحرية الأميركية المتمركز في البحرين. ومع ذلك، فإن البلدين اللذين تربطهما علاقات عميقة مع إيران يميلان إلى الانخراط في تعاون عسكري أكبر لحماية مصالحهما الإقليمية.
البرنامج النووي الإيراني ومعنى المناورات
وأعلنت إيران عن التدريبات عبر التلفزيون الرسمي، وجذبت التدريبات بالذخيرة الحية اهتماما عاما. وتأتي هذه المناورات في ظل تزايد المخاوف في المنطقة بشأن البرنامج النووي الإيراني. تتخذ إيران خطوات نحو بناء الأسلحة النووية من خلال زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب. ومع ذلك، تؤكد إيران أن هذا البرنامج يتم تنفيذه لأغراض سلمية. وتهدد الولايات المتحدة وإسرائيل باتخاذ خطوات عسكرية ودبلوماسية مختلفة لمنع إيران من تطوير الأسلحة النووية. وتسلط هذه التدريبات الضوء على جاهزية إيران للدفاع عن نفسها ضد هذه التهديدات.
تهديدات الحوثيين في اليمن
وتشكل التهديدات بشن هجمات من قبل المتمردين الحوثيين في اليمن على الممرات المائية في الشرق الأوسط عنصرا حاسما آخر للأمن البحري في المنطقة. أعلن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي أن جماعته ستشن هجمات على السفن التابعة لإسرائيل قبالة سواحل اليمن إذا لم تستأنف شحنات المساعدات إلى إسرائيل. ويشكل هذا التهديد خطرا جديا على السفن التجارية في المنطقة. هاجم الحوثيون سفناً تجارية بالصواريخ والطائرات المسيرة وأغرقوا بعض السفن.
التوترات الجيوسياسية في المنطقة
وشكلت المناورات المشتركة التي نفذتها الصين وإيران وروسيا تطورا مهما يعكس التوتر العسكري في المنطقة. وتبرز هذه التدريبات ليس فقط باعتبارها استعراضا عسكريا، بل أيضا باعتبارها خطوة لتعزيز الاستراتيجيات الجيوسياسية للقوى الإقليمية. ويزيد البرنامج النووي الإيراني والتهديد الحوثي في اليمن من تعقيد البيئة الأمنية في المنطقة. وقد يؤدي هذا إلى إعادة تشكيل دور القوى الإقليمية والعالمية في الشرق الأوسط.